وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا
الجواب
أولًا :
من الخير العظيم أن ينشغل الإنسان بفهم القرآن المجيد ، وبتثوير أسئلة القرآن ، ومدارستها مع أهل العلم وطلبته .
والسؤال الأول المتعلق بالتعبير بالفعل المضارع في قوله تعالى عن يحيى عليه السلام وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا مريم/15 .
فيقال في جوابه : جاء التعبير بهذه الصيغة : لاستحضار الحالة التي م١ت فيها يحيى عليه السلام ، وقد ق-تل عليه السلام ، ق-تله اليهود عليهم لعائن الله .
قال ابن عاشور : " جيء بالفعل المضارع في ( ويوم يم-وت ) لاستحضار الحالة التي م١ت فيها ، ولم تذكر قصة قت-له في القرآن إلا إجمالا " انتهى من "التحرير والتنوير" (16/78).
الانتقال في الخطاب القرآني من صيغة الماضي (يوم ولد) إلى صيغة المضارع (ويوم يمو-ت) لا
يدل – بحال – على ما ورد في السؤال ، من حياة يحي عليه السلام عند نزول هذه الآية ؛ فإن
"من شأن العرب أن تبتدئ الكلام أحيانًا على وجه الخبر عن غائب ، ثم تعود إلى الخبر عن المخاطب ، والعكس .
وتارةً تبتدئ الكلام على وجه الخبر عن المتكلم ، ثم تنتقل إلى الخبر عن الغائب ، والعكس .
وأحيانًا تبتدئ الكلام على وجه الخبر عن المتكلم ، ثم تنتقل إلى الخبر عن المخاطب . كما تنتقل من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع إلى خطاب الآخر . وتنتقل من الإخبار بالفعل المستقبل إلى الأمر، ومن الماضي إلى المضارع , والعكس".
"قواعد التفسير" (1/271).
فهذا أسلوب عظيم من أساليب البلاغة يسمى بـ "الالتفات " ، وقد سبق شرحه في جواب سؤال مشابه برقم : (278945).
ثانيا :
أما السؤال الثاني ، فخلاصة الجواب عنه ، فيما قرره بعض الناس : أن مخالفة الأم وحدها ، من دون الأب - لأي سبب يقتضي الفقد للوالد - أعظم جرمًا من مخالفة الوالدين ، لضعفها وقلة حيلتها - لذا نبه الشرع على مزيد الاعتناء بشأنها - ؛ فنبهت الآية على نفي هذا "الشقاء" ، وهو مرتبة أعلى من مجرد العصيان ، عن نبيه عيسى عليه السلام.
وفرق كثير من العلماء بينهما، بأن الله نفى العصيان عن يحيى؛ لأنه لم يهم بمعصي-ة قط ، وأثبت السعادة لعيسى عليه السلام ، لأنه لم يشق في الدنيا كما زعم اليهود ، ولم يقت-ل .