كان يا مكان في سالف العصر والأوان راعي فقير كل ما يملكه أربع عنزات وكانت إمرأته تحلبها كل يوم و تصنع منها جبنا تبيعها في السوق .وذات يوم مرض ولم يعد قادرا على العمل فأصبحت المرأة تخرج بقطيعها نصف يوم والنصف الآخر تخرج فيه إلى السوق. وكانت دائما تحمد الله على نعمته رغم فقرها ومرض زوجها وكلما تجد نفسها وحيدة في المرعى تعودت أن تصلي وتدعو رب السماء لترزقها بجارية تؤنس وحدة أبيها و تساعدها في أعمال البيت وصناعة الجبن .وكانت دموعها تنزل حارة على وجها وتسقط على الأرض وهناك نبتت شجيرة صغيرة عطرة الرائحة .
أحد الأيام وقفت أمامها صبية فائقة الجمال تلبس ثوبا أخضر وتضع على رأسها إكليلا من أوراق الشجر خاڤت المرأة وقالت هل أنت إنس أم جن أجابتها لا تخافي أنا ملكة حوريات الغابة ونحن نعيش بين الأشجار العالية وأنتم لا تروننا لخضرة أثوابنا وقدرتنا على الإختفاء .كل يوم أسمع بكائك ودعواتك فأمرت دموعك أن تتحول إلى نبتة فواحة إصنعي منها مرهما وادهني به نفسك وسترزقين جارية لها لوننا وجمالنا وعذوبة أصواتنا.
أتمت الحورية كلامها وإختفت فجأة مثلما ظهرت .تعجبت امرأة الراعي وإعتقدت أنها كانت حلما لكن لما نظرت إلى الصخرة التي تعودت أن تجلس عليها لاحظت وجود شجيرة غريبة الشكل تحتها لقد كانت دائمة التفكير لهذا لم تنبه لها
في الليل أعدت المرهم زوجها المړيض منذ أن مرض لم يعبأ بها تضوعت رائحة المرهم في الغرفة فتح عينيه ببطء وقال أحس كأني في الغابة أشم رائحتها وأطرب لأصوات عصافيرها أراك اليوم جميلة
في الصباح نهضت المرأة مبكرا لتكتشف أن كل شيئ رجع كما كان إختفت الرائحة العطرة ورجع زوجها يئن كعادته وعندما نظرت إلى بقية المرهم في الإناء وجدت أنه قد يبس . قالت في نفسها لم تدم فرحتي إلا ليلة واحدة ما أقصر السعادة وما أطول الشقاء تساءلت هل سأرزق بالجارية التي وصفتها الحورية لي كل ما قالته إلى حد الآن صحيح لا شيئ يمنع هذه النبوءة من التحقق .
بعد أشهر ولدت امرأة الراعي بنتا رقيقة أسمتها قمر الزمان أحبها أبواها وأعطياها كل الحنان كانت أمها تحملها معها للرعي فشبت بين المروج والغابات .وعندما بلغت خمسة سنين أصبح جمالها يسحر العقول وينزل شعرها الذهبي على ظهرها لكن أبوها لم يكتب له أن يراها تكبر وماټ . حزنت المرأة وإبنتها عليه كثيرا فلقد أصبحتا وحيدتين الآن وعليهما تدبير أمرهما بنفسيهما .
قالت الأم لقد كبرت الآن !!! أخرجي بالقطيع و سأنزل إلى السوق سنقتسم العمل أنا محتاجة أن أرتاح قليلا لكن أوصيك بشيئ يجب أن لا تبتعدي كثيرا فهنا قبيلة من الأغوال تعيش في مكان ما من الغابة ويحدث أن تقل الفرائس فيهاجمون القرى القريبة ويأخذون قطعان الأغنام ومن وجدوه في طريقهم من البشر. فهؤلاء يأكلون كل شيئ إذا رأيت أحدهم فأهربي ولا يهمك في العنزات ..قالت قمر الزمان نعم أمي سأطبق نصيحتك.
في أحد الأيام كانت الجارية ترعى عنزاتها وإذا بها تسمع صياحا أهربوا ... أهربوا إنه الغول هرب الناس لكن هي قالت سأبحث عن مكان أختفي فيه مع القطيع فهو كل ما نملك ولو فقدناه سنموت من الجوع كانت هناك مغارة صغيرة بين الصخور أمسكت عصا وضړبت العنزات وقالت أسرعن ليس عندنا وقت .بلغت المغارة وأدخلتهن وإلتقطت بعض الأغصان لتسد المدخل لكن ذلك لم يكف فرجعت وعندما