هل يرى الأطفال الملائكة أو الجن؟ واذا ضحك الرضيع وهو ينظر الى مكان خال في الغرفة هل يعني انه رأى ملاكاً؟
الجواب
أولا:
رؤية الملائكة، في صور غير صورهم الحقيقية التي خلقهم الله عليها: ممكنة، فقد ثبت أنّ عددا من الصحابة رأوا الملائكة في صورة إنسّية، كما ثبت لمن قبلنا من الأمم.
وأما رؤية الملائكة في صورتهم الحقيقية فلم يرد إلا رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل مرتين، وقد هاله ما رآه من عظمة خلقته الحقيقية.
فعن عمر بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب. شديد سواد الشعر. لا يرى عليه أثر السفر. ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأسند ركبتيه إلى ركبتيه. ووضع كفيه على فخذيه. وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام....، وقال فيه "يا عمر! أتدري من السائل؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" مسلم (8).
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قَالَ: " لَقَدْ رَأَيْتُ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ ، يُقَاتِلَانِ عَنْهُ كَأَشَدِّ الْقِتَالِ ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ " مسلم (2306) ، وهذان الرجلان كانا من الملائكة.
قال السيوطي رحمه الله: "قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ أَن رُؤْيَة الْمَلَائِكَة لَا تخْتَص بالأنبياء بل يراهم الصَّحَابَة والأولياء وَأَن قِتَالهمْ لم يخْتَص بِيَوْم بدر" انتهى من شرح السيوطي على مسلم" (5/ 317).
كتمثّل جبريل لمريم عليها السلام، وحديث المَلك الذي تمثّل للأقرع والأبرص والأعمى. وغيرها من النصوص الصحيحة.
وقد سبق في الموقع جواب مفصل حول الموضوع فيحسن الرجوع إليه
ثانيا:
رؤية الجن – في غير صورهم الحقيقة أيضا - : ممكنة، ومن ذلك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وَعَلَيَّ عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه....، وفي آخره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة). قال: لا، قال: (ذاك شيطان). مسلم (2187).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفي الحديث من الفوائد ... أن الشيطان قد يتصور ببعض الصور فتمكن رؤيته ، وأن قوله تعالى ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق عليها " انتهى من "فتح الباري لابن حجر" (4/ 489).
وبهذا نعلم أن رؤية الملائكة والجن بغير صورهم الحقيقة ممكنة، وواقعة أيضا.
وأما تخصيص الأطفال بشيء من ذلك فلا نعلم نصاً ورد فيه. وهذا أمر غيبي لا يمكن القول فيه إلا بدليل، فليس ثمّة دليل ينفي أو يثبت.
والله أعلم