ما هو الفلق الذى حذر الله تعالى النبي ﷺ من شره
ما هو الفلق الذى حذر الله تعالى النبي ﷺ من شره
ابن عثيمين (١٤٢١ هـ)
✕﷽ ﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ ١ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ٢ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ٣ وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِی ٱلۡعُقَدِ ٤ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ٥﴾ [الفلق ١-٥]
أمَّا السورتان بعدها فهما: (قُلْ أعوذُ بربِّ الفَلَق) و(قُلْ أعوذُ بربِّ الناس).
﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ [الفلق ٣] الغاسق قيل: إنه الليل، وقيل: إنه القمر، والصحيح أنه عامٌّ لهذا وهذا:
أمَّا كونه الليل فلأنَّ الله تعالى قال: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ [الإسراء ٧٨]، وكما
نعلم جميعًا أن الليل تكثر فيه الهوامُّ والوحوشُ، فلذلك استعاذ من شرِّ الغاسق؛ أي: الليل.
وأمَّا القمر فقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة ۏالسلام «أن النبي ﷺ أَرَى عائشةَ القمرَ وقال: «هَذَا هُوَ الْغَاسِقُ»(٢)، وإنما كان غاسقًا لأن سُلطانه يكون في الليل.
وقوله: ﴿إِذَا وَقَبَ﴾ أي: إذا دخل، فالليل إذا دخل بظلامه غاسقٌ، وكذلك القمر إذا أضاء بنوره فإنه غاسقٌ، ولا يكون ذلك إلا في الليل.
﴿النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ هنَّ الساحرات؛ يَعقِدْنَ الحبالَ وغيرها، وتَنْفُث بقراءةٍ مُطَلْسمةٍ فيها أسماء الشېاطين على هذه العُقَد، على كلِّ عُقدة؛ تَعْقد ثم تَنْفُث، تَعْقد ثم تَنْفُث، تَعْقد ثم تَنْفُث، وهي بنفسها الخپيثة تريد شخصًا معيَّنًا، فيؤثر هذا السِّحر بالنسبة للمسحور.
وذَكَر اللهُ النفَّاثات دون النفَّاثين لأن الغالب أن الذي يستعمل هذا النوع من السِّحر هنَّ النساء، فلهذا قال: ﴿النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾، ويحتمل أن يقال: إن ﴿النَّفَّاثَاتِ﴾ يعني الأنفُسَ النفَّاثات، فيشمل الرجال والنساء.
﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ الحاسد هو الذي يَكْره نعمةَ الله عليك، فتجده يضيق ذَرْعًا إذا أنعمَ اللهُ على هذا الإنسان بمالٍ أو جاهٍ أو علمٍ أو غير ذلك فيحسده.