قصة سليمان بن داود ، عليهما السلام عندما استشار نبي الله سليمان
المحتويات
دعوته لهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله والإنابة والإذعان إلى الدخول في الخضوع لملكه وسلطانه ولهذا قال لهم ألا تعلوا علي أي لا تستكبروا عن طاعتي وامتثال أوامري . وأتوني مسلمين أي وأقدموا علي سامعين مطيعين بلا معاودة ولا مراودة فلما جاءها الكتاب مع الطير ومن ثم اتخذ الناس البطائق ولكن أين الثريا من الثرى ! تلك البطاقة كانت مع طائر سامع مطيع فاهم عالم بما يقول ويقال له . فذكر غير واحد من المفسرين وغيرهم أن الهدهد حمل الكتاب وجاء إلى قصرها فألقاه إليها وهي في خلوة لها ثم وقف ناحية ينتظر ما يكون من جوابها عن كتابها فجمعت أمراءها ووزراءها وأكابر دولتها وأولي مشورتها قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم ثم قرأت عليهم عنوانه أولا إنه من سليمان ثم قرأته وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ثم شاورتهم في أمرها وما قد حل بها وتأدبت معهم وخاطبتهم وهم يسمعون قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون تعني ما كنت لأبت أمرا إلا وأنتم حاضرون قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد يعنون لنا قوة وقدرة على الجلاد والقتال ومقاومة الأبطال فإن أردت منا ذلك فإنا عليه من القادرين و مع هذا ص 333 الأمر إليك فانظري ماذا تأمرين فبذلوا لها السمع والطاعة وأخبروها بما عندهم من الاستطاعة وفوضوا إليها في ذلك الأمر لترى فيه ما هو الأرشد لها ولهم فكان رأيها أتم وأسد من رأيهم وعلمت أن صاحب هذا الكتاب لا يغالب ولا يمانع ولا يخالف ولا يخادع . قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون تقول برأيها السديد إن هذا الملك لو قد غلب على هذه المملكة لم يخلص الأمر من بينكم إلا إلي ولم تكن الحدة الشديدة والسطوة البليغة إلا علي . وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون أرادت أن تصانع عن نفسها وأهل مملكتها بهدية ترسلها وتحف تبعثها ولم تعلم أن سليمان عليه السلام لا يقبل منهم والحالة هذه صرفا ولا عدلا لأنهم كافرون وهو وجنوده عليهم قادرون ولهذا فلما جاء سليمان قال أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون هذا وقد كانت تلك الهدايا مشتملة على أمور عظيمة كما ذكره المفسرون . ثم قال لرسولها إليه ووافدها الذي قدم عليه والناس حاضرون يسمعون ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون يقول ارجع بهديتك التي قدمت بها إلى من قد من بها فإن عندي مما قد أنعم الله علي وأسداه إلي من الأموال والتحف والرجال ما هو أضعاف هذا وخير من هذا الذي أنتم تفرحون به وتفخرون على أبناء جنسكم بسببه . فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها أي فلأبعثن إليهم بجنود لا يستطيعون دفاعهم ولا نزالهم ولا ممانعتهم ولا قتالهم ولأخرجنهم من بلدهم وحوزتهم ومعاملتهم ودولتهم أذلة وهم صاغرون عليهم الصغار والعاړ والدمار . فلما بلغهم ذلك عن نبي الله لم يكن لهم بد ص 334 من السمع والطاعة فبادروا إلى إجابته في تلك الساعة وأقبلوا صحبة الملكة أجمعين سامعين مطيعين خاضعين فلما سمع بقدومهم عليه ووفودهم إليه قال لمن بين يديه ممن هو مسخر له من الجان ما قصه الله عنه في القرآن قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين وصدها ما كانت تعبد من دون الله
متابعة القراءة