قصة القِرْدة التي زن-ت فى الجاهلية فرجمتها القِرَدة..!!
ميمون لم يكن يفهم منطق القردة، وإنما هو ظنه، وذلك ما يمكن مخالفته فيه، وعدم التسليم به.
قال ابن قتيبة الدينوري رحمه الله:
"قالوا – يعني المستهزئين بالسنة الطاعنين عليها -: رَويتم أن قرودا رجمت قردة في زنا..
ونحن نقول في جواب هذا الاستهزاء: إن حديث القرود ليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، وإنما هو شيء ذكر عن عمرو بن ميمون... وقد يمكن أن يكون رأى القرود ترجم قردة فظن أنها ترجمها لأنها زن-ت، وهذا لا يعلمه أحد إلا ظنا ؛ لأن القرود لا تنبئ عن أنفسها، والذي يراها تتسافد لا يعلم أز-نت أم لم تز-ن، هذا ظن، ولعل الشيخ عرف أنها زن-ت بوجه من الدلائل لا نعلمه، فإن القرود أز-نى البها-ئم، والعرب تض-رب بها المثل فتقول: أز-نى من قرد، ولولا أن الز-نا منه معروف ما ضر-بت به المثل، وليس شيء أشبه بالإنسان في الزواج والغيرة منه، والبها-ئم قد تتعادى ويثب بعضها على بعض، ويعاقب بعضها بعضا، فمنها ما يعض، ومنها ما يخدش، ومنها ما يكس-ر ويح-طم، والقرود ترجم بالأكف التي جعلها الله لها كما يرجم الإنسان، فإن كان إنما رجم بعضها بعضا لغير زنا فتوهمه الشيخ لز-نا فليس هذا ببعيد، وإن كان الشيخ استدل على الزن-ا منها بدليل وعلى أن الرجم كان من أجله فليس ذلك أيضا ببعيد، لأنها على ما أعلمتك أشد البه-ائم غيرة، وأقربها من بني آدم أفهاما" انتهى.
"تأويل مختلف الحديث" (255-256).
وقال ابن عبد البر رحمه الله:
"هذا عند جم١عة أهل العلم منكر: إضافة الز-نا إلى غير مكلف، وإقامة الحدود في البهائم" انتهى.
"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (3/1206).
وقال القرطبي رحمه الله:
"إن صحت هذه الرواية فإنما أخرجها البخاري دلالة على أن عمرو بن ميمون قد أدرك الجاهلية، ولم يبال بظنه الذي ظنه في الجاهلية" انتهى.
"الجامع لأحكام القرآن" (1/442).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله:
"هذا أثرٌ منكرٌ، إذ كيف يمكنُ لإنسان أن يعلم أن القردة تتزوج، وأن مِن خُلقهم المحافظةَ على العرضِ، فمن خان ق-تلوهُ ؟! ثم هبّ أن ذلك أمرٌ واقعٌ بينها، فمن أين علم عمرو بن ميمون أن رجمَ القردةِ إنما كان لأنها ز-نت ؟!" انتهى.
"مختصر صحيح البخاري" للألباني (2/535) طبعة مكتبة المعارف.
ثم.. لا يمتنع أن تكون القصة حقيقية، والظن الذي ظنه عمرو بن ميمون صحيحًا، فعالم الحي-وان عالم مليء بالعجائب والبدائع، وقد قال العرب قديما: "ليس شيء يجتمع فيه الزواج والغيرة إلا الإنسان والقرد" انتهى. " عيون الأخبار "لابن قتيبة" (172).
بل قال ابن تيمية رحمه الله:
"ومثل ذلك قد شاهده الناس في زماننا في غير القرود، حتى الطيور" انتهى.